أن الماء الجاري لا يتنجس إذا أُلقيت فيه نجاسة، فـ ببركة جريانه لا تؤثر فيه النجاسة ويبقى على طهارته، أما الماء الراكد القليل فبمجرد ملاقاة النجاسة فإنه لا يصلح..
هذا الحكم الفقهي يعطينا رؤية اصلاحية في التأثر والتأثير وتغييرا في الأحوال والسلوك، والأخلاق والطبائع..
من هنا ندرك فاعلية الإصلاح والفرق بين الصالح والمصلح فالاول ينحصر أثر صلاحه وتقواه على نفسه، اما المصلح يتعدى أثر صلاحه على الآخرين في دعوته لهم، وتنعكس أقواله الطيبة أريجا يعبق هداية ورشدا، وتفوح أحواله الربانية بالأثر الطيب في مجتمعه..
والعجب من بعض الناس وهم يدركون ذلك الا انهم يحبون الرجل صالحا ويكرهونه مصلحا
هكذا كان من أهل مكة أحبوا محمدا ﷺ قبل البعثة لأنه صالحا؛ ولكن لما بعثه الله تعالى وصار مصلحا عادوه! وقالوا ساحر كذاب مجنون.
والسبب: أن المصلح يصطدم بصخرة أهواء ورغبات اهل الزيغ.. خاصة حينما يريد أن ينتشلهم من فساد نفوسهم وعبث تصرفاتهم وانحراف سلوكهم تجدهم يعادونه ويعرقلون جهوده..
قال أهل العلم: مصلح واحد أحب إلى الله من ألف صالح؛
لأن المصلح قد يحمي الله به أمة، والصالح يكتفي بحماية نفسه او جماعته نصرة لعصبية حزبية او فئوية..
واما نحن فنعاني من مدعي دور المصلح وتهافت الصالح له..
لقد ابتلينا بمن يتصدر منبر الاصلاح وهو اكثر من ينتج الفساد: يثير الفوضى مدعيا النظام؛ يخرق القوانين مدعيا العدالة؛ يصادر حق غيره مدعيا الحرية.. وهكذا..
كم نفتقد دور المصلح الحكيم الصادق في المشهد السياسي وفي الشأن العام .. وكم نخشى ان ينالنا هلاك من الله لغياب المصلح؛ فقد قال الله تعالى: " وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون"..
ولم يقل : (صالحون).. HB
✍️حجاج بوخضور